ذاك هو


الحب حالة شعورية تجمع العديد من المتناقضات
تتألم برضا تتذوق العسل مراً تتنعم بعذاب
قمة الإحساس بالكرامة وقمة الإحساس بنسيانها تمتلك العالم وتتنازل عنه لمن تحب

ماذا يمكن أن تسمي
عجز منطقك عن الإدراك ...عجز لسانك عن النطق ....عجز قلبك عن أن يتحمل خفقانه

ذاك هو الحب
ولكن .... لابد و أن يكون مظلل بشرع الله

السبت، ٣٠ يوليو ٢٠١١

فلاش باك




أولته ظهرها لتتمم بعض شئونها غير مرتابة به 
 وحين التفتت اصطدمت بنظاته المتلصصة تطول جسدها 
عبر خرقِ لم تلحظه أبداً بملابسها



الأربعاء، ٣ نوفمبر ٢٠١٠

وجه الحياة



نظر كل منهما للآخر في حالة واهمة من أن هذا الآخر لا يشعر بتلك النظرات
وكانت الدهشة هي سيدة الموقف بدايةً
فكل منهما يتعجب أنه وجد من يشاركه الاعجاب بهذا الموقع
وفي هذا التوقيت من العام
وفوق ذلك أن ذلك الاعجاب لنفس الغرض وهو للرسم .

فكل منهما يحمل ادواته مما يدل على امتهانهما للرسم أو ممارسته كهواية
وفي كلتا الحالتين فجميل أن يجد المرء من يتشارك معه نفس الهواية .

و كان ما يزيد الأمر عجباً أنهما يلتقيان دائماً دون اتفاق أو ترتيب
فلا تربط بينهما أى علاقة غير الرسم وبرغم عدم ثبوت موعد ذهاب كلاهما لذلك الموقع كل يوم بعد إلا أن التقاءهما كان ثابت وكان هذا مدعاة لتعجب كل منهما مما رسخ لدي كل واحد منهما ان الآخر يطارده ولاقي هذا الخاطر ترحيبا داخلياً لديهما .


موقع رائع حقاً لا يدرك روعته سوى من يمتلك حاستهما فتلك نقطة تمكن المرء من متابعة شروق الشمس حتى مغيبها فيشهد على ميلادها ويعايش معها دقائق حياتها اليومية إلى أن يوافيها المغيب فيقف ناظراً لشاهد قبرها في الأفق البعيد في ذلك الطقس الغني

ويبدو أن صديقينا كان هذا هدفهما فقد كانا كل يومين يبدءان رسم لوحة جديدة والغريب توقيتهما المتطابق
وبحكم الاعتياد مع سيطرة دهشة أولية من تطابق الاختيارات بدأت الابتسامات تولد على استحيا ويوم بعد يوم شبت عن طوقها حتى تحولت لتحية صباح ثم سؤال عن الأحوال وقلق مسيطر إذا غاب الآخر لا يزول إلا عند اللقاء التالي فتعود سكينة الاعتياد ... وهكذا حتى تسلمت الألفة السيطرة بدلا من الدهشة وانتشر أريج عابر
لراحة الوصول بعد إعياء البحث .


مرت أيام عديدة تشاركا فيها المكان والكلمات وتناثرت الضحكات هنا وهناك و أشاد كل منهما وأعجب بشدة باختيارات الآخر لأدوات رسمه والتى تكاد تكون متطابقة مع ادواته . تحادثا كثيرا وكل منهما سعيد بذلك الالتقاء الذي يمتد ليشمل كل شيء و ها قد وصلا للأيام الأخيرة حيث آن لهما أن يقفا على شاهد قبر ضوء الحياة فكان اللقاء عند المغيب .

"غداً نتبادل نقد عملينا "
هكذا وجهت له ابتسامتها محملة بتلك الجملة التقريرية واستقبلها بابتسامه أكثر حنواً وعين متعددة الكلمات ورد عليها
" فليكن غداً "

جاء الغد وأنهيا وضع لمساتهما الأخيرة من حركة فرشاة هنا او هناك و آن أن يشاهد كل منهما شمس الآخر .

كم كان احساس رائع يعترى كل منهما من مدى تطابق لوحاتهما الصباحية التى تشهد على ميلاد الشمس وحبوها في صباح كل يوم حتى شبت عن طوقها لتصل إلى كبد السماء فوق مياه بحر ساكن في شتاء دافئ .

بدأت الابتسامات الفرحة تكون مرسومة خلال رحلة الشمس فيما بعد وصولها لكبد السماء فقد بات جليا أن حركة فرشتيهما ملًت ارتياد نفس الدرب وآبت الألوان أن تتوحد في الجانبين

فقد بدأ بحره يفقد هدوءه شيئا فشيئا وبدأ قاربه المرسوم تتلاطمه الأمواج لوحة بعد لوحة وهو في اتجاهه
إلى أفقه البعيد لا تثنيه عربدة الموج من حوله و لا يستوقفه موت نبتاته الصغيرة التى كانت معه على قاربه رغم حزنه عليها ولكنه حزن قد يكون عابر أو مكتوم .

و كوجه مناقض للوحاته تلك ورغم أن بحرها ايضا فقد هدوءه شيئا فشيئاً إلا أنها احتفظت بقاربها على حاله منذ الصباح زهور تزينه ، نبتات صغيرة نامية نتيجة الرعاية الفائقة بها وبسقيها ، طيور مغردة في سماء يعتريها الغيام ولكنها قد توقفت بقاربها ورست به عند شاطئ ضحل ت تستكين الحياة على جزيرته .

عند هذه النهاية من عرض اللوحات المرسومة كانت الابتسامة قد غابت واستقرت نظرات حسرة خافتة على بعينيها و اتشحت عينيه بابتسامة توقع .

تبادلا التحايا وجمع كل منهما ادواته و جمع معطفه عليه وغادرا المكان مترجلين ليدور بينهما حديث مختلف بعيدا عن الرسم وادواته بعيدا عن هواياتهما المشتركة قريبا من الحياة ودرب كل منهما فيها إلى أن وصل بهم الطريق إلى مفترقه و لم يتفاجأ أى منهما حين اختلف الدربان

الثلاثاء، ٦ يوليو ٢٠١٠

عندما يخبو الضوء

تشابكت الأيدي وتلاقت الأعين وانفرجت الشفاة بابتسامة دافئة
نظرا للأمام وقرءا اللافتة الكبيرة مكتوب عليها

" احذر السقوط هوة عميقة "
لم يعيراها انتباه فلن يصلا حتى تلك النقطة .

سارا مطمئنيّن وبدأ الظلام يخيم عليهما في تلك الطريق

فقد تركا الضوء خلفهما

أشعلا مصباحيهما وسارا مستمدين الطمأنينة

من التصاقهما ومن ضوء المصابيح
ولكن كلما توغلا في الطريق خيمت الظلمة أكثر
وها هى الطاقة قد نضبت من المصباحين وخبا الضوء بهما حتى انطفأ
واستمرا في طريقهما قانعين بالطمأنينة في التصاقهما وفجأة سقطا في تلك الهوة .
لم يفطنا لها فقد نسيّ كلاهما اللافتة .
سقطا مفترقين فجاءت سقطته فوق تلة من الرمال

وكانت سقطتها فوق كومة من شظايا زجاج .
أصيب كلاهما بنزف داخلى شديد قد يكون في الإمكان معالجته

وقد يستحيل

وأصيب هو ببعض الخدوش والسحجات الخارجية
سوف تتداوى و تختفي مع العلاج والوقت
أما هى فقد أصيبت بجروح غائرة إثر شظايا الزجاج

التى اخترقت جسدها صانعة به جروح وتشوهات يستحيل تجميلها

تمت

في 28 / 4 / 2010

الأربعاء، ١٦ يونيو ٢٠١٠

رداء مُستعار

تتميز عن غيرها برداء ذو رونق خاص بها دون غيرها
من اللمحة الأولى على بعد مسافة شاسعة ندركها من ردائها هذا
لونه ، تصميمه ، حتى تلك الاكسسوارات التى تزين به ردائها
لها طابع خاص في استخدامها نعرفها به
وكثير ما مازحناها بقولنا:

"لقد باتت تربطنا الصداقة برداءك أكثر منك "

فكانت تبتسم راضية
مزهوة سعيدة باعجابنا فخورة برداءها
ولا عجب فقد حاكته يداها.

حتى تلك الرتوق البسيطة بطياته وبعض من خيوط نافرة
من وحدة نسيجه ، قد آلفناها و اعتدناها
درجة أنها صارت علامتها الخاصة ربما نستهجن رداءها هذا

إن فقد أحد مكوناته تلك فقد بات كلاهما

بكل ما فيه من تفاصيل كيان واحد لا يكتمل احدهما الا بالآخر .

وكعادة البشر الافتقار للقناعة ولأنها من البشر
فلم تقنع باقتناءها ذاك الرداء المميز رغم رتوقه
فبدا أنها زهدت فيه ورنت بعين التطلع لأردية الآخرين
وقررت استعارة أحدها لارتدائه وقد كان .

يقترب شبح من بعيد متجه إلينا نحاول تخمينه ولا نصل لنتيجة
أعيتنا المحاولات للتخمين جميعنا يجد في ذاكرته
شبه لطريقة السير تلك ولكن لا تسعفه الذاكرة .

اقترب الشبح حتى دنا منّا ياله من رداء رائع جداً
مبهرة ألوانه راقي جدا تصميمه خامته من أثمن الأنواع

وها هى تطل علينا من داخل الرداء ، يا إلهي !!!

شخصت أبصارنا للحظات و ما كاد أن التفت عنها البعض
والبعض الآخر وقف مشدوهاً والبقية تملكهم شعور بالامتعاض
مما طرأ عليها

ما هذا !!
رغم روعة الرداء ورُقيه وثراءه إلا أنه لا يوائمها
فلا هو يناسبها لونه ولا تتزن عليها خطوطه ،غارقة فيه متصاغرة

حاولت أن تكسبه بعضا من ملامح ردائها فكادت أن تشوهه.

فقدت جمالها وتفردها فالتفتنا عنها جميعا ، فقد عشقناها
بثوبها ذاك المرسومة خطوطه مع ثنايا وقسمات جسدها
بكل رتوقه ونفرات خيوطه ... لماذا ؟؟!!
لأن يديها من حاكته
فكان لها قلباً وقالبا كان منها جزءأ نلتمسها فيه فتنصلت منه
برداء خانها اختياره فهو لا يناسب قياساتها

ربما لو حملته معلقاً على شماعته الخاصة

لكان أفضل وكان كلاهما ليحتفظ بملامحه


تمت

2 / 5 /2010

الأحد، ١٣ يونيو ٢٠١٠

غرور رجل


بعين معتادة تفحصت طريقها التى تقطعها كل يوم فصافحت رؤيتها المعالم البشرية ذاتها التي تلقاها دائماً
ليس بشخوصها لكن بملامحها الحياتية فالطريق تباعدت وتقاربت عليه تلك المعالم البشرية
في شبه عينة عشوائية للجنس البشرى بمجتمعها.
رصدت بعينيها فتاة واثقة الخطى تسبقها بمسافة ليست بالشاسعة
تلاحقها عيون مجموعة من الشباب يقفون على جانب الطريق في منتصف المسافة.
تابعت خطواتها في هدوء حتى اقتربت من نقطة مرورها بهم
والتقط سمعها صوت أحدهم يقرر في حسم
" دى متشفرة ومالهاش مدخل"

فابتسمت واختلطت اصواتهم ما بين مؤيد ومعارض

مرت بهم واخذت خطواتها تبتعد عن موضعهم وهم على حالة النقاش .

هم الشباب هذه حالهم وتلك سِنهم انفرجت ابتسامتها بشدة وهى مبتعدة

وارتطم بمسمعها صوت احدهم يعلو على الجميع

" مفيش حاجة اسمها بنت متشفرة وانا هاثبت لكم ومن النهاردة البنت دي تخصني
انا مفيش واحدة تقدر تقاومنى وما تقعش فيا "

كادت الابتسامة تتحول لضحكة مسموعة ولكنها غالبتها بشدة فما زالت بالطريق.
انقطع الوصل بينها وبين معالم طريقها وعادت بالذاكرة لبضع سنوات قد انقضت
.تذكرته بكلماته و انفعالاته نفس النبرة الواثقة ثقة الغرور و إن لم تسمع صوته
ولكنها لمحت تلك النبرة تتراقص وتتباهى بين حروفه المكتوبة عبر محادثاتهم
تحدثا كثيرا في امور شتى وتجاذبا المعلومات والآراء
كانت موضع سره يحكي لها عن حبيبته وحبهما واستحالة امكانية ارتباطهما
وكانت تنكر عليه هذا اليأس دون حتى محاولة اتخاذ خطوة لتحقيق تلك العلاقة
ولم ينل انكارها هذا شيئا من يأسه ولم تكن تخرج منه برد شافي
وظل يحكي وهى تسمع يتحسر وهى توبخه وتحاول تحفيزه لتحقيق حلمه
وهو على يأسه ورضوخه لتلك الاستحالة التى رسختها بعقله تلك الحبيبة .

ابتسمت وهى تتذكر .... وتتذكر جيدا تحليلها حينها بأن تلك الفتاة لم تكن تحبه حقا
ولكن لم يكن من الممكن أن يتقبل مثل هذا التحليل
فقد كانت تعلمه جيدا وتدرك غروره فكانت تحرص ألا تجرح هذا الغرور .

انفرجت الابتسامة بشدة مع تذكرها لبعض حواراته معها
تلك الحوارات التى كانت تأتى دون مقدمات أو مسببات
واتهامه لها بجمود القلب وتحجره وتبلد الحس والمشاعر
فقد كان حانقا جدا عليها أنها لم تخض تجربة الحب و أنها غير متلهفة لخوضها
ولا تبحث عنها و أنها راضية بحياتها هكذا إلى أن ينعم الله عليها بتلك التركيبة التى تحلم بها
كان يسخط عليها اكثر واكثر وتتعجب هي من ذلك وتأخذ مسار الحديث للمزاح
فيزداد سخطه ويتطرق إلى صب اللعنات على تلك الصداقة وعدم قدرته على التحرر منها
وكيف أنه ليس جيدا كما تظن
فتخبره أن لا احد كامل وأنها لا يعنيها منه سوى أنه يعاملها بكل تهذيب
فتأتيها ردوده حانقة ساخطة اكثر واكثر واصفا مدى مقته لتهذيبها هذا
وحلو حديثها ورجاحة منطقها وكيف أنه حاول أن يكون سيء الطباع معها أكثر من مرة ولم يتمكن
و مجرد أن يبدأ الحديث معها يتحول الى تابع منقاد لها في حديثها
مسلوب الارادة والفكر مثل الطفل الصغير رغم انه كان يكبرها بعدة اعوام
.حثها دائما على الارتباط والزواج لخوفه عليها فكانت تخبره انها غير قلقة
و أن ما قدره الله سوف يكون وأنها لن تقبل بأى ارتباط لمجرد الارتباط
وذات مرة مزحت معه قائلة أتخاف على الفتنة .

فكان هذا الرد منه
"
لا انا مش خايف عليكِ من الفتنة ... عارفة ليه ؟؟..
لأن اللى زيك مستحيل تتفتن أو تحب أو قلبها يدق أنت قلبك حجر
ولو كان ممكن تحبي حد وتتفتنى بيه كنتى حبيتيني انا واتفتنتى بيا
رغم انك عارفة انى بحب ومرتبط بردو ما كنتيش هتقدري تقاومى
دا لو عندك قلب وتقدرى تحبي "


افاقت من تلك الذكريات وهى تضحك محاولة كتم الضحكات
ورفعت أصابع يديها ناظرة لذلك الاطار الذهبي اللامع حول اصبع يدها اليمين
فقبضت كفها ورفعته لشفتاها مقبلة ذاك الاطار المنقوش عليه أحرف من تحب
الذي انتظرت سنوات دون قلق حتى ظهر منذ شهور
وجاء ليقتنص ذاك القلب المتحجر بكل يسر وسهولة .

تمت

الأحد، ٦ يونيو ٢٠١٠

ما بين الظلمة والضياء

التفت للخلف ونظر بشوقٍ لذلك الضوء
الذي خلّفه وراءه منذ أمد وقد بدا ضعيفاًجداً
يكاد لا تدركه العين ،
عاد بنظره إلى الأمام وقد غمره يأسه
من أن تهنأ عيناه بأشعة هذا الضياء مرة أخرى .


تابع مسيره وسط الظلام الذي اعتادته عيناه
و رغم وحشته إلا أنه قد أنِسَهُ وبات على علم
لكل موضع قدم في طريقه هذا وليس ذلك عن بصيرة قلب
إنما مرجعه الخبرة والاعتياد فقد اعتاد خطاه على تلك الطريق
التى لا يحبها لكنه فقد الأمل في العودة فقد بلغ مدىَ بعيداً فيها
وترسخت لديه قناعة بأن المضي قدماً للأمام
في ظلامه هذا هو أسهل و أيسر من الالتفات للخلف
في محاولة للرجوع غير مضمونة النهاية
قد يكون الانتكاس نهايتها .

تابع خطاه غارقاً في أفكاره وتساؤلاته ...
الرجوع ... ياله من حُلم ..
ياله من أمل مستحيل الحدوث إلا في حالة واحدة ...
حالة أن تُمحى كل خطاه التى خطاها بطريقه تلك ...
ياله من خيال واهم .

عاودته ذكريات كثيرة وكيف كان في دائرة الضوء لا يفارقها
وكيف أنه من شدة الضوء لم يخل أن هناك ما يسمى الظلام
وكيف ارتكانا لهذا الخاطر الذي رسخ بداخله ،
كيف أنه أغمض عينيه وصار يخطو مغمض العينين.

تذكر تلك التصادمات الطفيفة
التى حدثت له حال أن سار مغمض العينين
وكيف كان يفتح عينيه ثم يأمن أنها تصادمات طفيفة
وينتوى الحذر في المرة القادمة من اغماض عينيه .

نعم لم يمتنع عن اغماض العينين فقد قابل هوىً في نفسه
بل كان يقنع نفسه أنه سيتجنب تلك التصادمات
وهكذا داوم على الإغماض وتزايدت التصادمات
وما أفاده حذره حتى خرج بعيدا جدا عن دائرة الضياء
وهو في اغماضه الذي أدمنه ..

آآآهٍ لو أنه امتنع عن تلك الاغماضات
منذ أول تصادم حدث له ...
ولكن هيهات ما عاد يجدي ذلك
وما عاد أمل في عودة باتت مستحيلة ...
كيف يقطع كل تلك المسافة عائداً ؟؟ أيعقل هذا؟؟؟

تابع خطاه بقلب حزين ومعه صديقيه يتبادلان معه حواره ..

الأول
و ما وجه تلك الاستحالة ؟
هو
أنها مستحيلة
الأول
نعم أخبرني ما هو وجه الاستحالة
فصمت ولم يجد رداً وكاد أن يتساءل هو أيضا
عن وجه الاستحالة تلك

فخرج صوت صديقه
الثاني
أتمزح ؟ أبعد كل هذا تظن أن العودة ممكنة؟
ماذا عن كل تلك الحواجز التى تزداد علواً
مع كل خطوة في طريقك تلك
ماذا عن كل تلك الأبواب
التى كلما كنت تخطو خطوة كنت تغلقها من خلفك

فيطاطئ الرأس ويتمتم
حقاً واهم أنا أن ظننت أن العودة ممكنة

لا يكل الأول من الحوار و إن كان يبدو عليه ضعف
وصوته أصابه وهن فيما يبدو أنه مريض منذ أمد
ويحاورهما قائلاً :
كل حاجز قد ارتفع يوجد له درج يمكن الصعود عليه
ومن خلفه درج يسهل النزول عليه
وكل باب أغلقته ما زلت تحتفظ بمفتاحٍ له
فقط عليك أن تبحث عن تلك المفاتيح

حقا تذكر إنه كان يغلق الأبواب
ولكن دائما بقيت معه مفاتيح لها
وخاطب نفسه
سأبحث عنها و أما الدرج فلن يشقيني أن أصعده و أنزله
فكم من درج في طريقي تلك صعدتها ونزلتها
وسط ظلمة حالكة فما بالى وسوف اتجه للضوء

الثاني
بصوت قوي ولكن يداخله اهتزاز:
وماذا عن احتمال وقوعك فانت ما عدت معتاد الضياء
وسيكون من الصعب عليك معايشته
وسيكون في ذلك ضرر لعينيك التى ألفت الظلام
وسَكِنت إليه ثم ان الضوء بعيد جداااا
والطريق قد تغيرت معالمه مع كل حاجز قد ارتفع
وكل باب قد أُغلق

الأول
وقد بدأ تداخله قوة
ألا تعلم أن طريق العودة رغم كل عقباتها
فإن مع كل خطوة تطأها فيها
ينطلق نور من أحد المصابيح المنتشرة على جانبي الطريق
التى كانت تنطفئ مع كل خطوة تخطوها نحو الظلام
كل خطوة في طريق العودة ينطلق معها ضوء هادئ
تشتد قوته كلما قطعت خطوات أكثر و أكثر
حتى تكون عيناك قد اعتادت الضوء من جديد

الثاني
تلك مجازفة ليست مأمونة الجوانب
ماذا إن سقطت من فوق احد تلك الحواجز
بعد أن صعدت كل درجها

الأول
وقد أصبح لا يترك ناصية الحوار : وماذا في ذلك
فليصعد من جديد فما ينتظره يستحق المحاولة
وكم من سقطات قد سقطها في طريقه تلك
وكان يعاود الكرّة .

الثاني
و ما....

الأول
لا داعي لجدل ليس منه طائل
انت على علم تام أن العودة ممكنة جدا بل هي يسيرة جدا
شرطها واحد فقط

وهنا خرج هو عن صمته بين صديقيه
وانتبه على حديث صديقه الأول
الذي نفض عنه الذبول والضعف واكتسى قوة وعنفوان
وسأله متلهفا
وما هو هذا الشرط ؟؟؟؟

حاول الثاني
أن يخرجهما من ذاك الحوار ولكنه لم يعره انتباهاً
وتوجه بكامل جوارحه للأول منتظراً جوابه

فقال الأول
الشرط هو رغبتك
يجب أن تكون رغبتك في العودة صادقة
مصحوبة بهجرك بلا عودة لتلك الطريق المظلمة
و ألا تغمض عينيك ثانية أبدا مهما بلغت شدة الضياء
ولا تتوقف أبدا استمر في السير وصعود الدرج وفتح الأبواب
فسوف تجد لديك العديد من المفاتيح لا تتوقف عن استخدامها

صمت الصديقان و تبدد طيفهما في الظلام
وتوقف هو في طريقه هذه واستدار نصف استدارة
فأصبح متجهاً إلى كلا الطريقين
(المضي قدماً للأمام ، العودة نحو الضياء (
بأحد جانبيه


تمت في 6 / 5 / 2010